أطفالنا.. بين مدرسة القــرآن و مدرسة الكرتـون
الطفل المسلم اليوم محاط فكرياً بما يغريه ويخدعه، من باطل مبهرج، وتسميات براقة خالبة، وشعارات ليس تحتها
إلا الأفاعي وسمومها، إنه محاط بما يصرفه عن دينه ومنهجه وأصالته ..
ومن هذه الصوارف .. أفلام الكرتون وأفلام الرعب، وأفلام الفضاء وغيرها مما لفظته التربة التي نشأت فيها
وذلك ليُلقى لقمة سائغة وفريسة مخدرة في مخالب صائديه، وأفواه أعدائه.
والذي يقف وراء هذه الأهداف الثالوث الخبيث المشؤوم.. الصهيونية العالمية .. والصليبية الظاهرة أو المقنعة .. والإلحاد.
إن الطفل المسلم في صراع بين مدرستين مدرسة الكرتون ومدرسة القرآن، وكل منهما تتجاذبه.
ولنعرض لهاتين المدرستين وقوة تأثير كل منهما على عقل وروح وسلوك الطفل:
أولاً : مدرسة الكرتون: -
1- يقول أحد الأطفال: اتفقنا أنا وأصدقائي على أن نتصل بالبيكمونات ليأتوا إلى فلسطين ليقتلوا شارون ويحرروا القدس
وأنا أثق أنهم سيفعلون.
2- ويقول آخر: "يقوم بيكاتشو ونيستس بإحياء الموتى وإنزال المطر وأشياء خارقة".
3- وهذه طفلة تشترط على أمها أن تشتري لها حقيبة المدرسة والكراسات والملابس مرسوماً عليها أبطال
الديجيتال حتى أطباق الطعام ومشابك الشعر، وتحذر أمها قائلة: إذا لم تكن صور الديجيتال على حقيبتي
لن أذهب إلى المدرسة.
4- وهذا طفل آخر يشترط على والدته إذا أنجبت طفلاً أن تسميه بيكاتشو ويبكي ويقول:
"إن لم تسمه بيكاتشو لن أكلمه وسأكرهه".
5 وهذه طفلة ذات الأربع سنوات تقفز من الطابق الثالث مقلدة أبطال الديجيتال الذين يلقون بأنفسهم من ارتفاعات
شاهقة ولا يصابون بأذى ولولا عناية الله كما تقول والدتها لكانت الطفلة في عداد الموتى.
6 وتعاني أم من عنف أطفالها الزائد وتقليدهم لحركات شخصيات الكرتون وتقول: "بين الجنون وأولادي شعرة".
رأي علماء النفس والتربية:
1- يقول الدكتور عليان الحولي الحاصل على دكتوراه في التنشئة الاجتماعية للطفل إن هذه البرامج تكسب الطفل
عادات وتقاليد وأنماط سلوك تنافي ثقافة مجتمعنا وتعوده على العنف والانحراف والجريمة.
2- ويقول أحد الباحثين الاجتماعيين: "إن أفلام الكرتون تعرض أن الشخصية الكرتونية تخلق شخصية جديدة
مع أننا نغرس في عقول أبنائنا أن الخلق بيد الله عز وجل، وأنه ليس بمقدور إنسان أن يخلق شيئاً مهما بلغ
من التقدم. كما أن أفلام الكرتون تستخدم أساليب كلامية نابية: مثل : وقح، غبي، حقير... وغيرها".
3- وتقول باحثة نفسية: "إن كثرة جلوس الطفل أمام هذه الأفلام الكرتونية يخلق شخصاً غير مبال وكسولاً
حتى عن تأدية الصلاة، وتتسم شخصيته بالبلادة والخمول.
ما عرضناه مجرد إشارات لما يحدث في الإعلام لدينا، إننا ندق ناقوس الخطر، ونضرب جرس الإنذار..
ألا فاحذروا أيها الآباء والأمهات... قبل فوات الأوان!
ثانياً : مدرسة القرآن: -
1) في العهد النبوي:
حرصت التربية النبوية على تربية الأطفال على حب الشهادة وتقديم أرواحهم رخيصة في سبيل إعلاء كلمة الله ,,
وهذه نماذج:
* النموذج الأول: الصحابية الجليلة عفراء رضي الله عنها إذ دفعت بولديها عوف ومعاذ وهم غلامان إلى المشاركة في غزوة بدر:
" يقول الصحابي الجليل عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه :
"إني لواقف يوم بدر في الصف، فنظرت عن يميني، وعن شمالي، فإذا بغلامين من الأنصار، حديثة سنهما، فغمزني
أحدهما وقال : يا عم، هل تعرف أبا جهل بن هشام؟ قلت : نعم وما حاجتك إليه يا ابن أخي؟
قال: بلغني أنه يسب رسول الله، والذي نفسي بيده لئن رأيته لا يفرق سوادي سواده حتى يموت الأعجل منا "
أي لا يفارق شخصي شخصه حتى يموت منا الأقرب أجله"، وغمزني الآخر وقال لي مثل ما قال الأول..".
وتطلع عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه فرأى أباجهل، فدل الغلامين عليه فسارعا إليه، وابتدراه بسيفيهما، فضرباه
فصرعاه، فخر بين الحياة والموت.
ويروى أن معاذ بن عفراء حينما طعن أباجهل أقبل عليه عكرمة بن أبي جهل وضربه بسيفه فأصيبت يد معاذ، ولكنها
بقيت معلقة فيه بجلده فاحتمل ذلك، وظل يجاهد وهو يسحب يده المعلقة، فلما آذته وضع قدمه عليها، ثم تمطى
حتى فصلها عنه واستمر يجاهد هو وأخوه حتى نال أخوه الشهادة وبقي هو حتى زمان عثمان .
* النموذج الثاني:
أخرج ابن أبي شيبة عن الشعبي: "أن امرأة دفعت إلى ابنها يوم أحد السيف، فلم يطق حمله فشدته على ساعده
بنسعه، ثم أتت به النبي، فقالت يا رسول الله: هذا ابني يقاتل عنك، فقال النبي ص: أي بني، احمل هنا، "أي هاهنا"
فأصابته جراحة فصدع، فأتى النبي ص فقال له أي النبي: لعلك جزعت؟ قال : لا يا رسول الله.
هذه من نماذج الأطفال في العهد النبوي، التي تربت على حب الاستشهاد ورفع راية الله، وفي السيرة العديد
من هذه المواقف ولكنها مجرد وقفات.
2) ) في العصر الحديث :
وقد قدمت المدرسة الإسلامية المعاصرة أيضاً نماذج فذة. وهذه قصة لإحدى الصغيرات مع أمها:
يحكي أحد المجاهدين من أهل اليمن عن بعض المواقف أيام الحرب بين الجبهة الشعبية الشيوعية وبين أبناء الحركة
الإسلامية الذين كانوا يدافعون عن الأراضي اليمنية الشمالية، عن حوار سمعه بين فتاة صغيرة وأمها العجوز في إيصال
الطعام للمجاهدين في قمة الجبل المقابل للجبل الذي نصب عليه الشيوعيون مدافعهم ورشاشاتهم يحصدون
كل حركة يرونها أمامهم. قالت الأم لابنتها الصغيرة: سآخذ الطعام إلى المجاهدين وابقي أنت مع إخوانك الصغار.
قالت الفتاة: بل دعيني أنا الذي أذهب لإيصاله. قالت الأم: يا بنتي دعيني أذهب فلعلي أنال الشهادة كما نالتها أختي.
قالت الفتاة: إذا مت يا أماه فمن سيرضع أخي الصغير، أما أنا فليس لي أطفال أرعاهم بعد مماتي فاتركيني أذهب
لأنال الشهادة.
يقول الأخ المجاهد: "وما زالت الفتاة تجادل أمها حتى غلبتها وأخذت الطعام بنية الشهادة، إلا أن الله سلمها
حتى أوصلت الطعام".
أرأيتم كيف كانتا تتسابقان على نيل الشهادة !!!
ومازالت المدرسة الإسلامية تقدم يومياًً الشهيد تلو الشهيد في أرض فلسطين، يتسابق الوالد مع ولده، والأم مع ابنتها
والأخ مع أخيه على نيل الشهادة، لمعرفتهم فضل الشهداء، ولحرصهم على دخول الجنة، فهم يغبطون من يسبقهم
إليها ويدعون الله أن يلحقهم بهم، يرددون قول الصحابي "غداً ألقى الأحبة محمد وحزبه".
وكذلك اليوم على أرض العراق، وما يحدث من تساقط للشهداء من الأطفال والرجال والنساء، للقضاء على المحتل الأمريكي
ومن معه من اليهود.
وكذلك ما تقدمه الشيشان من شهداء يومياًً لدحر العدو الشيوعي الملحد على أرضهم، لهو من آيات العز والافتخار...
إخواني وأخواتي ..
هيا بنا نضع أيدينا في أيدي بعض، ونعود إلى تربية مدرسة القرآن، مدرسة الشهداء، مدرسة العلماء، مدرسة العظماء...
حتى نترك من خلفنا ذرية طيبة، تدعو لنا، ونجد في سجل حسناتنا يوم القيامة أعمال أبنائنا الصالحين، ونقول:
من أين جاءت؟ فيُقال لنا بفضل دعاء ولدك الصالح.
وسائل مقترحة لملء وقت فراغ الأطفال ومزاحمة وقت الألعاب:
1- حث الأطفال على حضور حلقات تحفيظ القرآن في المساجد، ومكافأتهم على التميز كما كان يفعل السلف الصالح.
2- تنمية مهارات الأطفال في المجالات المختلفة مثل الشعر والقصة والرسم والكمبيوتر وتوجيهها الوجهة التي تخدم بها الأمة.
3- الاشتراك في الأندية الرياضية الهادفة لتعلم (السباحة، ألعاب القوى، الكاراتيه، والمسابقات الرياضية) مع المتابعة من الوالدين.
4- الإلحاح على الله بالدعاء: "رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى" والدي وأن أعمل صالحا ترضاه
وأصلح لي في ذريتي " (الأحقاف:15).
5- صلاح الوالدين امتثالاً لقوله تعالى: وكان أبوهما صالحا (الكهف:82)، فبصلاح الآباء يُحفظ الأبناء.
6- الحكايات عن العلماء والعظماء والمصحلين والقواد المسلمين الذي رفعوا راية الحق عالية خفاقة.
7 المسابقات العلمية والفوازير الهادفة، وقراءة القصص النافعة.
نسأل الله أن يحفظ أبناءنا وشبابنا من كل مكروه وأن يجنبهم أصدقاء السوء وأماكن السوء
وأن يُبصر بهم الأمة ويحيي بهم السنة... آمين.